الموضوع: أعتليني شعور
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-2023, 02:33 PM
المشاركة 8
نورهان الشاعر
Junior Member
  • غير متواجد
Post
[COLOR=rgb(41, 105, 176)]مساء الياسمين المطل من شرفات الأحلام....
تدون الحياة ما قالته و همسته الكلمات... و هو كلام محدود بحرف كبير في البداية... و نقطة بأخر الجملة تختم القول.. ليتلوها حرف كبير أخر.. تعانق مع كلمته و جر وراءه كلمات أخرى تنهيها النقطة...
بينما الصمت لا يدون أبدا... فهو محيطات لا تحد بأرض و لا جزر.. تنسكب في سرمدية لا يرى لها أفق و قد سرحت بنفسها في الكون... في حين كان المنطوق الخارج من بحور الصمت.. أشبه ببركة ماء صغيرة قد رست في حفرة على البر.. يرسم الليل نجومه و قمره على صفحتها.. لكنه لا يمنحها إلا إنعكاسا لا يدل على مادة الشعور و إن جسد شكلها.. فلن يحتوي حجمها و لا يبصر باطنها....

هكذا هي الكلمات مثال للبركة التي تنعكس عليها أضواء الكون.. فتهيء للروح أنها أصبحت قريبة و ما إن تمد يدك للمسها حتى تنقشع كاشفة عن زيفها و خداعها...!

فما أصدق الصمت دوما... و ما أشد خداع الكلمات و قصورها... فأشد المعاني قوة لا تشدها كلمات...
و الصمت اشد صخبا و ضجيجا من أعتى الأصوات..!

في أحضان الليل تنام الكائنات.. و ينخفض صوت المادة الأجوف.. و قد ألقى الليل عليها لحافه الحريري ليوقف حركتها و يمتص طاقتها....
في حين تبعث المشاعر و الأحاسيس من جوف الليل... لتراقص النجوم و تسامر القمر...
فتقام أحاديث الروح الطويلة.. تناجي روحا رسخها الحب بها و تفضي لها بأسرارها الدفينة و أشواقها التي لا تنتهي....
تبعث سلامها همسا مع النسمات... و تكتب رسائلها السرية على صفحة القمر بمداد سحري لا تبصره إلا الروح المقصودة....

و مع أنوار الليل السحرية التائهة في صفحة سوداء أبرزت بياضها.. تخفث أضواء الوعي المكبلة برقابة العقل الصارمة... فتخرج الأحاسيس السرية من مخبئها في صخب.. تجري و تركض كالأطفال و هي تصاحب معها معاني الجنون و تتقافز على مادة العقل الصماء.. فتترك الروح تعانق حريتها و تجالس أحلامها و أحاسيسها دون رقابة مجحفة تقتل بها نفسها....

فدع احاديث الروح تنسكب همسا من نبض القلوب بكل حبها و شوقها.. تجري و تغلي من شجنها.. فتعانقه سعيدة به لأنه من رائحة المحبوب..!..

أفليس أعظم ما في الحب أنه يجعل القلب مفتونا بعيوب المحب قبل مزاياه... فكل الناس تتشارك في حب المزايا.. و ينفرد العشاق بحب النواقص..!.. لأنها تصير معه كمالا تتصل عن طريقه الروح!

فدع الشوق يا محب يبني لك بين غربة الفراق ملجأ حب تسكن إليه الروح... و دعنا كل ما تهنا في دروب الحياة إليه نعود.. نجالس الحب فينا.. و نوقد نيران الشوق في حطب الفراق.. تنال منه ارواحنا الدفئ في زمهرير البعد.. دعنا نرتشف أحلامنا خمرا لذيذا في سهرة حب سرية..و نقتات من قبلنا طعاما يقتل جوع المشاعر فينا..دعنا نفرش فيها أحاسيسنا وردا تغطي بنعومتها خشونة الحياة... و دعنا نستنير بشجوننا الصادقة.. و نحن نرمي الظنون الزائفة بعيدا عنا... فلا يعكر سوادها مزاج عشقنا...
و لنتعطر بنسمات أحاسيسنا السماوية و نحن نهرب من قسوة الحياة بنا... فنتجرد من كل ما ألبسه لنا البعد و نلبس ما غزله لنا الحب... يهدينا قربا سحريا...! نتراقص فيه على نبضات قلوبنا....

الساكن في القلب لا يغادر الفكر و لا الشعور... و عناقه للروح كل الحياة....

الكاتبة الجميلة ذات الشعور المقدس... عذراء في شوقها الذي لم يزفها بعد عروسا للحب... قد أقمت حفالات سماوية مع ملائكة الهوى... و اخذت الروح لتراقصك بين جنباتك الكلمات...
اشرق ابداعك شموسا في جوف في الليل فما أعذب إحساسك الرقيق و ما أجمل عزفك به على أوتار القلب...
أبدعت يا جميلة و سرقت في حرفك كل الجمال و الفتنة....

[/COLOR]